مدخل :
قال الحسنُ البصريُّ - رحمه الله - :
" ما من يوم ينشقُّ فجره إلا ويُنادي : يا ابن آدم أنا خلقٌ جديد ،
وعلى عملك شهيد ، فتزوّد منِّي فإني إذا مضيتُ لا أعود ..
إلى يوم القيامة "..
هي الأيام تهرول والساعات تطوى والشهور تتزاحم ,
ثم نفاجأ بأن عاما قد إنطوى وأصبحنا على مشارف عام آخر .
سباق مع عجلة الزمان , قانونه أنْ لا رجعة للوراء ,
وماذهب من الوقت والأيام فقد سُجّل لامحالة إما
على صاحبها أو لصاحبها .
لاتدرى متى الساعة .
فقيامة المرء تبدأ منذ لحظة وفاته ونزوله قبره ,
فإذا مات العبد فهنا تكون قد بدأت رحلته الأبدية إلى عالم الآخرة .
هكذا الدنيا فى حقيقتها ماهى إلا ساعة.
فلنجتهد مستعينين بالله باذلين جُل طاقاتنا أن نجعلها لله على الطاعة .
لنُكرَم من ربنا بالجنة ومن نبينا وحبيبنا بالشفاعة.
مع بداية العام حريٌ بنا أن نعقد العزم على اغتنام بقية العمر .
فكم سوّفنا ؟
كم أخرّنا من أعمال صالحة ولو عملناها فيما مضى لكان خيراً لنا ؟
كم أخَّرنا التوبة الشاملة ؟
كم أخَّرنا التوبة عن بعض الذنوب ؟
كم أخَّرنا مشاريع عظيمة لو فعلناها لكان لنا شأن عظيم ؟
كم وكم وكم ؟
فوقفة صادقة ، لحري أبيّ مع بداية هذا العام يأبى أن يكون
في مؤخرة الصفوف وأدنى المراتب .
مع بداية العام جدير بنا أن نسلك سبيل الجد والتخطيط والترتيب لحياتنا الدنيوية
وآمالنا الأخروية ،
ولنكن على يقين أنه بدون ترتيب لن تكون هناك ثمرة مشرقة ،
ومنقبة خالدة ، لنستفيد من كل علم يعيننا على اغتنام الحياة ،
لنهتبل كل فرصة تبني لنا مجداً في دنيانا وآخرتنا .
ولا نكن ساقطي الهمة ،
أصحاب نظري أرضي ، بل لنجعلها سماوية علية ترنوا نحو الصعود ،
قال عمر رضي الله عنه :
لاتُصُغِّرنّ همتك !
فإني لم أرَ أقعد بالرجل
من سقوط همته .
ثلاث همسات نهديها لكم
الهمسةُ الأولى :
إليكَ أنت .. يا كلَّ قارئٍ لِأحرُفي هذه ..
هاهيَ أيامٌ من أيامِ الله خلَََت وانقضَت .. وساعاتٌ ودقائقٌ تصرَّمت وانتهت ..
فهل يا تُرى عمَرناها بالطاعاتِ وتحصيلِ الحسنات ؟
أم لطَّخناها بالمعاصي واقترافِ السيِّئات ؟
(وأنْ ليسَ للإنسانِ إلاَّ ما سعى .. وأن سعيهُ سوف يُرى .
ثم يُجزاهُ الجزاء الأوفى .. ) .
الهمسةُ الثانية :
يا كلَّ عبدٍ مسلمٍ وجهه لله .. إنَّ ما مضى لن يعود ..
وما فاتَ لن يرجعَ ولوْ بذلتَ الغالي والنَّفيس .. فاغتنم حياتكَ من الآن ..
فكُلُّنا لا يدري متى يموت !! إنَّ لكلٍ منَّا خُططاً وأهدافاً ..
وأفكاراً ومشاريع .. سواءً على المستوى الفرديِّ أو على المستوى العام ..
فهل يا تُرى قد قُمنا بالتخطيطِ اللازمِ لميلادها وإنشائها ؟
الهمسةُ الثالثة :
إلى كلِّ داعيةٍ وطالبِ علم .. في نهايةِ هذا العام اِسأل نفسك ..
أينَ أنت ؟ وماذا قدَّمت ؟ ما هيَ مخطَّطاتك ؟ وماذا تريد ؟
ألا تكفي الأعمالُ الاِرتجاليةُ دون تخطيطِ أو تفكير ؟
ألا يكفي الانشغالُ بالمهمِّ عن الأهم ؟
راجع لائحة اعمالك السابقة جددها وشارك فيها من تحب
اجعل القادم اجمل في رسم اهدافك
وطموحاتك وانجازاتك اصنع سعادتك بنفسك
امل جديد وفرصة جديدة وصفحة جديدة
هكذا اجعلوا يومكم فما مضى قد مضى وانقضى
مخرج
ياهجرة المصطفى يكفي لنا شرفاً
ان نستعيد على الاعوام ذكراك
ففيك قد ولدت دنيا بأكملها
تبارك الله ما أسمى و أرقاك
فريق زاد الرحيل
جسد يبلى واثر يبقى